كنت وعدت وها أنا أفي بالوعد. فافهم العبرة
من هذه الرحلة ياعزيزي التلميذ.
رحلة الحياة اطبع هذا النص وأقرأه على الورق




إذن
كيف يمكنني تصوير مراحل التعليم منذ سنواته الأولى ،حتى الوصول إلى التخرج ومواجهة
الحياة؟
يبدو السؤال غريبا نوعا ما ، والأغرب منه هو
الجواب عليه. إذ كيف يمكن تصوير مراحل التعليم بهذه الطريقة ، وتخويف التلاميذ ؟
لا لن أخوف أيا كان ولكن لمن يفهم هذا التصوير وهذا الوصف ،سيجده حقيقيا وواقعيا.
لنشرع في الحكاية من الأول إذن دون إطالة.


ثم بعد ذلك ينتقلون إلى مرحلة الإعدادي ،
فيخرجون من ذلك البستان الجميل الذي قضوا فيه مدة ست سنوات ، لينتقلوا إلى ضيعة
كبيرة كثيرة الأشجار والفواكه والمياه ، وكل شجرة فيها ناطقة تتكلم وتقول: يا فتى
خذ من ثماري ولا تخجل ، خذ من ثماري وتلذذ بها ، ونصيحتي إليك أن تقطف من كل ثمار
الأشجار في الضيعة وتجففها لوقت الحاجة. لكن هناك المستهترين الذين لا يريدون قطف
الثمار ،ولا البحث عنها، ولا تجفيفها لوقت الحاجة ؛كما يجفف التين والزبيب ،
والحمص والفول والعدس ،والحنطة .ولا أن يخزنوا الماء كما يفعل غيرهم الذين يعلمون
بأنهم سيقضون في هذه الضيعة ثلاث سنوات فقط ، وبعدها سيرحلون عنها ،فيجمعون
ويخزنون ويكنزون لوقت الحاجة.
يظل الآخرون في لهو ولعب لا يفعلون شيئا عدى
أن يأخذوا بدل وهوان من الآخرين؛ الذين جمعوا وكدسوا ورتبوا وأعدوا العدة
للرحيل من الضيعة بعد السنة الثالثة.
ثم ينتقلون إلى مرحلة التأهيلي ، وهي صحراءواسعة ، بها واحات وخيام ، والشمس فيها محرقة لا ماء ولا شجر إلا ما خُزِنَ لوقت الحاجة ،
وها قد جاء وقتها ، فبها يمكن استبدال الأشياء ومقايضة الشيء بما يريدون . أما
الآخرون فلا يستطيعون مقايضة ،ولا يقدرون حتى التعبير عن حاجتهم لشدة جوعهم وعطشهم
. فلا يبقون ويتبخرون ويتلاشون .
تنقضي السنوات الثلاث وقد استبدل الجامعون
بضائعهم ببضائع أغلى وأنفس ، وجواهر أثمن ؛ليرحلوا وهم أسعد مما دخلوا إلى هذه
الصحراء ،وبعد أن عاشروا فيها الشاعر والأديب والعالم ، وأخذوا من كل واحد منهم ما
يكفيهم حاجتهم في المرحلة المقبلة .
تغيب الشمس عن تلك الصحراء ، وتهب ريح في الليل
،لتحملهم إلى مكان آخر ، ساحة كبيرة متمدنة متحضرة ، فيها كل وسائل النقل المتاحة، من باهظة الثمن
إلى الرخيصة . وكل واحد منهم يستقل الوسيلة التي يقدر عليها بما جمع من يواقيت
وجواهر في المرحلة السابقة ،وكل حسب قدرته وما تحمله حقيبته من إمكانيات . يرحل
أصحاب الدرر الغالية وأصحاب الذهب وأصحاب الفضة ويبقى أصحاب النحاس والقصدير، يتحينون
فرصة ؛عسى وسيلة نقل حسب إمكانياتهم تساعدهم على الانتقال والسفر كالآخرين ، منهم
من يجد ومنهم من لا يجد فيثوى في ذلك المكان منتظرا مترقبا والسنون تمر وتتوالى ،وهم
باقون يتوافد عليهم المزيد من أمثالهم، حتى يشيخوا في نفس المكان أو يختاروا سلك
الطريق على الأقدام.




أما الذين وصلوا إلى المرفأ واستقلوا الزوارق
والبواخر وقطعوا البحر ، يجدون أنفسهم في مرفأ الوصول محاطين بالأهل والأحبة ،تنتظرهم
السعادة والطمأنينة والهناء ...
والباقي يبقى مفتوحا لمن أراد الإبحار في عالم الخيال...
تخيلها
وكتبها الأستاذ: خالد دقي
هدية لمن يفهم الألغاز والحكايات ،ويستفيد من تجارب الآخرين.